بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 12 أغسطس 2012

ماذا بعد...الفوضى!!!

كنا في السابق نحلم أن نملك حكومة تكنوقراطية تدير شؤون بلدنا وتفرج هموم شعبنا وتفتح بالآفاق آمالنا. ولكننا وجدناها دائما معجنة بالمحاصصة حتى تتناور مع مجلس الأمة. فوجدناها تتلون مرة بالحدسية اللبرالية، ومرة أخرى بالسلفية الشعبية، وهكذا. مما أغرق البلد في وحل الواسطات والمحوسبيات التي بها تكسب الحكومة جولاتها مع مجلس الأمة لتسيير ديمقراطيتنا على أهواء أشخاص معدودين لا تتعدى نظرتهم أبعد من جيوبهم إلا من رحم ربي!!!، فافتقدنا إلى الخطط الخمسية والعشرية، وصرنا نسير بقرارات يومية جعلتنا في دوامة لا نخرج من محورها ونحوم حولها...فكيف نمني أنفسنا وأجيالنا بمستقبل واعد!!!
وإذا كان حرق آبارنا النفطية إبان الغزو "العراقي" تعتبر أحد أكبر الكوارث البيئية والصحية في العالم بسبب تأثيرها السلبي على مدار سنين طويلة والذي لاحظناه من أمراض جسدية ونفسية عميقة، فإننا أيضا نعتبر حكومة ومجلس 2009 أكبر كارثة سياسية وأخلاقية مرت على بلدنا يصعب محو آثارها من واقع وذاكرة التاريخ. تلطخت قاعة عبدالله السالم بفضيحة تضخم حسابات عدد كبير من أعضاء البرلمان من فئات مختلفة شيعي وسني،محافظ وقبلي وحضري، ليقعوا تحت تهمة الرشوة ليرضخوا لطلبات الحكومة التي همشت المجلس بتعطيل جلساته والقضاء على أدواته الدستورية، كما ساهمت هذه الأجواء بتمزيق كيان مجتمعنا...والأكثر غرابة ووسط العبث السياسي في ذلك الوقت، لم تنتفض المحكمة الدستورية أو القضائية لانتشال كرامة المجلس والشعب من هذه الجريمة...إلا أن اهتز الشعب لنصرة بلده في تظاهرة مشهودة أدت لحل سيء الذكر!!!

وبعد ما تشكل مجلس الأمة 2012 وبلمسة شعبية واضحة بتواجد أغلبية تمثل الحراك الشعبي الذي أزال مجلس 2009، فانتعشت الحياة السياسية بشيء من روح الأمل، وتضاعفت جلسات المجلس وتبلورت البرامج إلى أن نطقت المحكمة الدستورية "ببطلان" المجلس "الصالح" المقبول شعبيا وحولتنا إلى المجلس "الطالح" وسط ذهول العاقل والمجنون!!!...قد يكون اللجوء للمحكمة الدستورية أحد الصلاحيات السياسية التي تملكها الحكومة مثل ما يلجأ المجلس لها وللاستجوابات...فعلا إننا بوسط معارك سياسية طاحنة!!!

والآن نعيش في فوضى سياسية، مليئة بتصفية الحسابات والمناورات...خاصة عندما استيقظت الحكومة فجأة عن ظلم توزيع الدوائر وكأنها كانت مفروضة علينا من بلاد "الواق واق" ونزل عليها أمر العدل والاحسان!!!...والذي ازداد التوتر والغموض علينا هو تنديد نواب الأغلبية "المبطلة" ضد تعديل الدوائر عن طريق المحكمة الدستورية، بالرغم أنهم رضخوا لها عندما أبطلت عضويتهم!!!... أعتقد أن جلوسهم مع الحكومة للوصول لتعديل ناجع أفضل من التنديد من غير نتيجة...خاصة أن عدم تعديلها سيعطل المجلس القادم مثل ما عطل غيره!!!

فالغالبية المعارضة متفقون فقط في اسم "المعارضة" ولكنهم متشتتون في أمر الإصلاح فمنهم من يرى الاصلاح فقط بعدم تعديل الدوائر والآخر معارض بسبب رضا دائرته وغيرهم معارض لأمر ما في صدره...وقليل منهم من يسعى لإصلاح العملية السياسية ودفع بعجلة الحياة...يجب علينا أن لا نستمع من ينادي بكلمة "ارحل" او "فارق"...لأنها لا تعدو سوى تصفية شخصية وعلينا أن نستمع من يهتم بإصلاح سياسي شامل يكفل للمريض ان يجد علاجه، ويوفر للموظف أن يبدع في عمله، وينصف التاجر في ربحه، ويحاسب الفاجر في جرمه...ونعيش عيشة الكرماء السعداء.

أما رسالتنا للسلطة أن تتعظ بما سلف من ايامنا السابقة عشناها في صراع مرير أرهقت الكبير وشيبت الصغير...فإننا نسمع "بسيادة" القانون ولكننا لم "نلمسه"، ونسمع عن "التخطيط" وامتلأت حياتنا "بالخرابيط"، ونسمع عن "الكفاءة" ولكنها أصبحت مجرد "فكاهة"، وأن الأمور لن تستقيم إلا أن ملكنا حكومة متجانسة بوزراء أكفاء يحملون هموم البلد ويحققون آمال الشعب، حكومة بأعضاء متفاهمين ليشد كل منهم أزر الآخر في تحقيق الأهداف العامة...وعلى الشعب أن يقدر أداؤهم ويقومهم إن أخطئوا...وإن فقدوا الجادة حاسبهم، نعم إنها رغبة بالحكومة الشعبية يسبقها اصلاح الجو السياسي حسب ما ينص عليه القانون وينجزه المسئولين.

هيلاري ومونيكا...والأغلبية!!

أعتقد أن الكثير يتذكر القصة المثيرة التي دارت بين بيل كلينتون الرئيس الأمريكي السابق، وسكرتيرة البيت الابيض مونيكا لوينسكي. والتي هزت 'الوسط' السياسي الأمريكي بل والعالمي. كما أنها أثرت على شعبية الحزب الديمقراطي وأرجعت الحزب الجمهوري لقبة الرئاسة.....وكلها لعبة السياسة.

والجميل هو كيف تتأثر مكانة الرئيس الأمريكي أو أي منصب عالي بمجرد ممارسته لحريته الشخصية المزعومة 'المداعبة' وغيرها بالرغم أنهم يشجعونها كشعب ويمارسون ما هو أسوء منها!!!....ولله الحمد أن الإسلام أعز مكانة المسلم ليحاسب نفسه على تصرفاته كملك يفترض أن لا يقترف هذه المشينات!!! وعلى الحكام تعزيز الإسلام لما فيه من عزة الأخلاق التي تبني المجتمعات.

أما المثير للدهشة أكثر هي السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية التي حطمت الأرقام القياسية حسب بعض المصادر التي تقول 'هيلاري حطمت الرقم القياسى فى الزيارات المكوكية منذ توليها الخارجية قطعت فيها مسافة تصل إلى 843,839كم زارت 102دولة' لا شك أنه جهد كبير يعجز عنه كثير من الرجال ويتخطى حدود طبيعة المرأة!!!

هيلاري ذكرت في مذكراتها أن بيل كذب عليها مرات كثيرة خلال 30 سنة ومع ذلك صدقته عندما نفى 'كذبا' أي علاقة بينه وبين مونيكا في بادئ الأمر! وادعاء هيلاري بأنها اعتادت على تصديق 'كذب' بيل لا يبرره إلا طمعها بالتسلق للقمة السياسية على حساب حياتها الشخصية والتي جنتها فعلا في رئاسة الخارجية....فتعسا وتعسا للسياسة بهذه الخساسة!!!

ولا أدري لماذا ذهبت مخيلتي بعيدا لقصة هيلاري وتذكرتها عندما أسقط الضوء على حال الكثير من سياسيينا وبعض من أغلبيتنا مع الحكومة. بالرغم أن الأغلبية بل والشعب أعلم بزيف رغبة الحكومة بالإصلاح أو على الأقل عدم قدرتها على الاصلاح بسبب تشكيلها التقليدي الذي يدخل في المحسوبية والشللية والفئوية بعيدا عن الكفاءة...بل تشكيلاتها المتعاقبة أهلكت البلد ماديا ونفسيا...صرنا نسمع بالخسائر المليارية من كل اتجاه وخدمات متردية وغير ذلك.

أعتقد أن الجميع لاحظ أن الخلل الحكومي العام لم يتحسن بالرغم من تغييرات الحكومية المتعاقبة، بل لاحظناه أنه خلل منهجي منظم يحاول بكل شتى الطرق مراوغة المحاولات الاصلاحية لدرجة طريقة النظر في قرار سمو الأمير بحل مجلس 2009، والترويج لتغيير دوائر وغيرها.

وكل هذه السلبيات يدل على أن الجو السياسي مشوه جدا لدرجة إن ترك بهذا الحال سيزيد البلد من سوء الى الأسوء. ويزعجنا أننا نجد من بعض الأغلبية من يحمل رائحة 'الهيلارية' يتملق ويتسلق ليخطف رضا الشعب وبنفس الوقت يتمايل للمداهنة الحكومية....أعتقد أننا وصل إلى حال نطالب بإصلاح سياسي شامل يكفل لنا الحصول على حكومة ذات كفاءة شعبية كما يكفل لنا نظام برلماني نزيه وهذا لا يتحقق إلا بتكاتف القوى السياسية مع الرغبة الشعبية للإصلاح.