بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 6 مايو 2012

الدول وفجور التجار

ما أجمل التاريخ العبق الذي رسخته الكتب والأحداث والتي تشهد على العلاقة التاريخية بين الأسرة الحاكمة والتجار وسائر الشعب الكويتي من قبل ظهور النفط. فبعد أن ألتفت الشعب الكويتي باتجاه الشيخ صباح الجابر لحنكته وحكمته، فإنه لم يخذلهم أبدا بالحكم الصالح والشورى المستمرة لتعكس مدى إدمان وعشق الشعب الكويتي بالشوري والديمقراطية وبالأسرة الصباح الكريمة. وكانت من حكمة أسرة الحكم ومن تعاضد المجتمع الكويتي عبر التاريخ، فإن المهام توزعت بينهم حتى تسير الأمور الحياتية في البلاد آنذاك، فكلف الحاكم أشخاص ليتولون تجارة الاخشاب ومنهم تجارة المياه ومنهم من يتكفل بتجارة الخضار ومنهم من يتكفل بتعلم الطب ومنهم من انشغل بالرعي بأنواعه ومنهم من اتقن الغوص واللؤلؤ، وهكذا توزعت المهام بينهم ليست للمصلحة الخاصة بل لتكامل الأدوار التي تخدم فيها المجتمع الكويتي عامة.

فشهد التاريخ على التآلف الشعب بأفراده وتجاره وحكامه بالأخلاق والإخلاص والأمانة والفداء لله ومن ثم الأرض التي سعتهم جميعا. فلم نسمع في ذاك التاريخ الجميل على من قام بمتاجرة الغذاء الفاسد أو من قام باستغلال وتشويه الصفقات لتحقيق الارباح المشبوهة وغير ذلك مما جعل كويتنا الماضي "درة" الخليج ومنارة العلم والحضارة والنهضة. والشاهد على حال كويتنا الحبيبة، في ثلاثين سنة الأخيرة، يجدها للأسف أصبحت "ذرة" الكل يتسابق لقضمها، ومنهم من يقربها لناره. ونلاحظ أن الحالة الغالبة في مجتمعنا وصلت إلى الحرص على "الأخذ" أكثر من "العطاء". ولو وضعنا المجهر على أي مفسدة في البلد لكان أحد أركانها تاجر فاسد متكئ على مسئول متعاون سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. بل تتحمل الحكومة هذا التمادي لما يحدث في ساحة بعض التجار الطائشة، ويشعرنا الواقع كأن الحكومة مدينة لأجداد هؤلاء التجار مهما كان أداء أبنائهم، فأصبحت لا تتجرأ أن تقول للمخطئ لقد أخطأت حتى لو كلف ذلك فساد الغذاء والصحة وغيرها.

نجد فساد بعض التجار في توزيع المناقصات بينهم ومن ثم الطريقة السيئة التي ينفذون بها المشاريع لتنتقل من مقاول باطن الى آخر عامل من الجليب، ليتحول مشروع عمراني الى مشروع هدام قبل أن ينفذ. ونجد الفساد أيضا في طريقة تجارة الأغذية والمطاعم وكيف تكتشف الفاسد منها والأدهى من ذلك هي لا آثار لنتائج الضبط والعقاب. وكل هذا غير الطريقة العشوائية في نقل الغذاء والمياه المعبئة بمركبات غير مكيفة وغير مهيئة لنقلها في درجات حرارة تزيد عن 50 وتحت أنظار البعيد قبل القريب، وكل هذا لا شك له علاقة بتزايد الأمراض المعاصرة التي تفتك بالشعب، وكثير من الشجون والآلام.

ولسنا هنا ضد التجار، بل نؤمن تماما أنهم شركاء لنا في التنمية ولكن وفق أسس تحفظ حقوق الوطن والشعب. لا يعقل أبدا أن يكون الشخص الذي يراقب هو نفسه الشخص الذي ينفذ المشروع، فذلك حتما سيؤدي الى التجاوزات والمراحمات، وحتما لن تؤدي الى تطوير العمل الرقابي إن كان هناك حساب او متابعة. وتتحمل الحكومات السابقة والمتعاقبة على ما آلت إليه الأمور، كما أن بلادنا لن تتحسن وترتقي إن لم تنظم أمورها الداخلية بالطريقة التي تضمن أن تسير مشاريعها بالشكل المطلوب وبالآليات العلمية الحديثة. ونلاحظ في بلدنا الكم الكبير من الادارات والوزارات لم تتغير آلياتها ومنظومتها منذ فترة طويلة، والتي لا شك ستكون من مصلحة من يستغلها من ضعاف النفوس في الإساءة والفساد.

نتمنى أن تقوم الحكومة بخلق جو تجاري تنافسي بشكل شريف وواضح لا يقتصر على أسماء محددة ولا على عائلات معينة. ولا يتحقق هذا الجو التنافسي الشريف إلا إذا عززت الحكومة مؤسساتها وسيادة قانونها وعدالة قضائها ليشمل القضاء البيئي والمهني والتجاري وغيره حتى تقوم عليه نهضة البلد. ولو ضربنا مثال على البلدية وليس للحصر، فإنها تشيب رأس الولدان قبل الشياب. نجد البلدية مغموسة بالعشوائية ومليئة بالفساد كما قال عنها صاحب السمو منذ سنوات أن "فسادها ما تشيله البعارين".
http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?nid=106464&cid=52

ليست هناك تعليقات: