بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 يناير 2010

الحلقة المفقودة في أداء المجلس والحكومة

في أخر ثلاث سنوات من 2006 إلى 2009 مرت حكومتنا الحبيبة في ست تشكيلات. ونحن الآن نواجه تصادمات عنيفة بين مجلس الأمة والحكومة قد يؤدي إلى تشكيل حكومة جديدة أو إلى ما هو أسوء من ذلك. والذي يحدث الآن يذكرنا دائما بما حدث سابقا خلال السنوات القليلة الماضية من مواجهتين دائما تتكرر في العراك السياسي الكويتي. المواجهة الأولى تكون بين وزير بمفرده من الحكومة وبين أعضاء مجلس الأمة، والمواجهة الثانية هي بين أعضاء مجلس الأمة من الكتلة المؤيدة للوزير وبين أعضاء مجلس الأمة الآخرين. ويستعمل كل الأشخاص في هذه المعركة كل وسائل الحرب ودمار البلد من واسطات واستغلال نفوذ وتبديد ثروات من أجل الانتصار في وجهة نظرهم على الطرف الثاني في هذه المعركة الشرسة، والخاسر الأكبر من هذه الأحداث لا شك أنها البلد والشعب. ولا أريد هنا الإطالة ولكن للاستطراد فإنني أرى الشبه الكبير للذي حدث لحركة حدس والوزير السابق محمد العليم في الحكومة السابقة وبين تكتل الشيعة والوزير فاضل صفر في الحكومة الحالية. ولا أريد هنا سرد الأحداث لأننا نريد فقط التعلم منها وليس لتعميق الجراح ولكنني أتأسف لما آلت به حياتنا السياسية في البلد. ونلاحظ من هذه الأحداث أنها تشق صف أعضاء مجلس الأمة كما نلاحظ انشغال الحكومة عن أجندتها قبل ولادتها. وهنا أتذكر أهمية الانسجام في أعمال المنظمات والحكومات والمجالس البرلمانية. لست اقصد هنا الانسجام العاطفي ولكن اقصد الانسجام في العمل الإداري لأعضاء مجلس البرلمان والانسجام بين وزراء الحكومة. والانسجام بين أي مجموعة في العمل هو وجود تقارب فكري وعلمي بحيث يملكون أنفس متشابهة وبالتالي تصف هذه المجموعة بالمجموعة المنسجمة. ودائما تكون هذه المجموعة ناجحة جدا في التنفيذ لأنهم متفقون في الفكر وبالتالي ينفذون المهام بيسر وسهولة لعدم وجود شوائب وتضارب في الرؤى بينهم وهذا ما ينصح أن تكون فيها صفة الحكومة. فعندما تشكل الحكومة من أشخاص منسجمين بفكر وتوجه واحد فإنهم سيحرصون على تنفيذ خطتهم للتنمية بشكل متعاون ومتماسك وهذه الصفة غير متواجدة للأسف في حكومتنا وذلك من وجهة نظري. دائما تكون حكومتنا مكونة بطريقة المحاصصة من أعضاء مختلفين في التوجه ودائما لا نرى اتفاق في الانجاز العام للحكومة وتجد أعمال أعضاء الحكومة مشتتة والكل يسعى لأهدافه الخاصة وبشكل شبيه للعشوائية وبالتالي سهل علينا أن نرى مشاكل تعترض عجلة التنمية في أعمال الحكومة. واتفق مع من يقول أن أعضاء مجلس الأمة غير منسجمين وهذا طبيعي وصحي لأن الانسجام يكون ناجح للجهة التنفيذية وهي الحكومة أما الجهة التشريعية ينصح أن تكون غير منسجمة أي أن تكون مكونة من أعضاء يتنوعون في الفكر والعلم والمجال لان ذلك يساعد على أن تكون التشريعات منقحة بشكل مناسب وبالتالي يساعد على إصدار قوانين وتشريعات مناسبة للجميع وتكون اقرب للنجاح أكثر من أن تكون صادرة من مجلس مكون من أعضاء يحملون نفس الفكر ونفس الدرجة العلمية لأنهما سينظرون للتشريعات بدرجة واحدة لا تضيف أي تحسين أو تعديل لها. فعدم الانسجام في المجلس لا يقلقني بقدر ما يكون عدم الانسجام في الحكومة هو القلق الكبير لنا. قد يكون اقرب لتحقيق الانسجام في الحكومة هو تمثيل الحزب للحكومة وهذا ما تقوم به الدول المتقدمة الكبرى والتي تكون اقرب إلى الديمقراطية الحقيقية مثل الولايات المتحدة وغيرها. ولكنني أشعر كغيري من معظم الشعب أن تشكيل الأحزاب في بلدنا غير محبب لما نراه من عملها في دول عربية شقيقة بالرغم أن الأحزاب موجودة هنا فعليا على شكل تكتلات وتجمعات. والذي اعتقد أن يكون أقرب إلى النجاح هو تشكيل وزراء لوزارات الخدمات كالأشغال والمواصلات والطاقة والتربية والإعلام وغيرها من مجموعة أعضاء يحملون أفكارا متشابهة يساعدها على الإبداع والانجاز والالتزام بخطتها التنموية تحت مساعدة ومراقبة البرلمان، وتكون وزارات السيادة كالدفاع والداخلية وغيرها لشيوخنا أبناء الأسرة الحاكمة الحكيمة وتكون هذه المجموعة حريصة على الإبداع حتى تثبت صلاحيتها للبلد وبالتالي يكون التنافس بين الكتل هو الانجاز للبلد. ولا يكتمل النجاح فقط بالانسجام ولكن نحتاج إلى أمور كثيرة مساعدة منها عدم انشغال أعضاء مجلس الأمة في مهام غير مهامهم المفترضة عليهم من تشريع قوانين واعتماد خطط التنمية ومراقبتها، لأننا دائما نجد أن أعضاء المجلس يتجاوزون صلاحياتهم في التدخل في استغلال عضوية المجلس في الواسطات وعمل الصفقات في وزارات الدولة مما يشغل الحكومة والمجلس في متاهات وأمور تبعدهم عن المسار التنموي للبلد والتي أصبحت مكشوفة للمواطن الكويتي.

ليست هناك تعليقات: