بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 29 يناير 2010

التطبيقي ... وطمس الطموح

معهد التدريب المهني هو أحد المعاهد التدريب التابعة للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب. وهذا المعهد مر بعدة مراحل إلى أن أنضم إلى السياسة التعليمية للهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب. بالرغم أن نوعية طلبة المعهد التدريب المهني اختلفت كثيراً عما كانت عليه من قبل، وأن المنهج العلمي المطبق قد تطور وتحسن، إلا أن كثيراً من الناس لا يزال يحتقر ويصغّر أهمية ودور هذا المعهد. فالمعهد المهني يغطي جانب من المؤهلات التي من المفترض أن يستفيد منها سوق العمل بشكل فعال وهي فئات مساعد فني. يستقبل معهد التدريب المهني ما يقارب 150 طالب سنويا ما بين 15 إلى 17 سنة من العمر، الذين لم يستطيعوا أن يدخلوا في مدارس الثانوية العامة، فتكون مؤهلاتهم ما بين خامس إلى تاسع. المعهد كغيره من المؤسسات التعليمية تتفاوت فيه مستويات الطلبة فمنهم المتميز الذي قادته ظروفه سواء الاجتماعية أو النفسية لعدم تكملة تعليمه العام. ومنهم المتوسط والضعيف إلا أن هناك فئة رابعة المحبطة التي لا ترغب بالعلم لا من قريب ولا من بعيد والتي تولدت لديهم بسبب عدم اهتمام المجتمع بهم. خريج المعهد المهني ينال الدرجة الوظيفية السابعة وهي لا بأس بها حيث أنها تعادل خريج الثانوية العامة إلا أن شهادته العلمية لا تعادل سوى شهادة الابتدائي بالرغم دراسته أربع سنوات !!! ... والذي جعلني اكتب عن هذا الموضوع هي بعض الاحباطات التي تعكر إنتاجية معهد التدريب المهني وتحجم تحقيق أهدافه الكبيرة التي من الممكن أن تنفع البلد والمجتمع. أولى هذه الاحباطات لدي الطالب هو أنه لا يستطيع أن يعطي لمستقبله مدى أبعد من المعهد المهني. هذا يعني أن الطالب وأهله يلجئون إلى المعهد المهني بطموح ضعيف جدا لتمضية أربع سنوات من العمر من أجل أخذ شهادة فنية مستقبلها محدود جدا. وهذا الإحباط الذي يعيشه الطالب مع أهله لا يثقل كاهل المعهد فقط بل يثقل كاهل البلد ويحجم دور مخرجات هذا المعهد. عندما تكون هناك فرصة لخريجين المعهد المتميزين بالانضمام للمعاهد الأعلى منه كالمعهد الصناعي والمعهد الإنشائي واحتساب شهادتهم بالشهادة المتوسطة لوجدنا اهتمام الأهل وحرصهم لمتابعة أبنائهم أكثر جدية ولسوف نجد تنافس الطلبة شديدا لنيل فرصة العمر لبدء حياة علمية جديدة، خاصة أنها ستكون لهم كإرجاع السمكة للبحر ... وإرجاع الروح لهم. وأحد الاحباطات التي يواجهها هؤلاء الطلبة هو المستقبل الوظيفي الشبه مظلم. حيث أن خياراتهم الوظيفية محدودة جدا في إما ترشيح من ديوان الخدمة أو الالتحاق بالعسكرية أو اللجوء لبرنامج إعادة هيكلة القوى العاملة والعمل في احد الشركات الخاصة. بالنسبة لديوان الخدمة فلا عزاء للطلبة إلا أن ينتظرون سنين طويلة قد تتجاوز مدة دراستهم حتى يأتيهم ترشيح. وعندما يأتيهم ترشيحهم وتعيينهم بعد ذلك فأنا متأكد أنهم سيدخلون تحت مظلة البطالة المقنعة الممتلئة سلفاً، وللأسف حينها سيصبحون سلبيين في عملهم ولا يحق لنا عندها بملامتهم!!! ... وإن التحقوا بالعسكرية فسيقبلون بشهادتهم رابعة الابتدائي وسيؤدون أدوار لا تمت بدراستهم بصلة أو بمعنى أخر ما صرفت لهم الحكومة في تعليمهم ذهب هباء منثورا. أما برنامج إعادة الهيكلة ففكرة إنشائه ممتازة ولكن أُسيء استخدامها من الكثيرين. فخريج المعهد المهني عندما يتجه إلى برنامج إعادة الهيكلة يجد الوجوه فيه اسودت تجاهه وذلك ناتج عن السمعة السيئة تجاه المعهد والمتولدة والمصنوعة من سلبيات حكومية التي من ممكن حلها وتحويلها إلى ايجابيات تنفع الطالب والمجتمع. وحينها يصبح خريج المعهد فريسة لشركات الهدامة التي تحتضن ثروة البلد الكامنة في هذا الخريج وتغميسه في التراب عندما تعرض عليه فرصة لا يستطيع هذا الشخص أن يفوتها وهي أن تعرض عليه تعيينه في الشركة ورقيا فقط ويستفيد الطالب فقط من دعم العمالة الوطنية ويأتيه مندوب الشركة على نزلة الراتب ليقتص منه باقي الراتب وبذلك تكسب الشركة رسميا من قانون التكويت، وفعليا تكون الشركة ساهمت في تدمير البلد بدلا من تعميره. لا ننكر دور الحكومة المادي والمعنوي تجاه مستقبل الطلبة وتعليمهم ولكن هذه السلبيات البسيطة تنسف هذا الخير الكثير، لأن هذا التقصير يعكر الشكل النهائي تجاه الطلبة وذويهم مما يجعلهم مستاءين عن التعامل مع مستقبل الطلبة. فأتمنى من الحكومة أن تعيد النظر وإيجاد الحلول المناسبة لرفع إنتاجية الاستفادة من كوادر البلد التعليمية كما أتمنى من مجلس الأمة الممثلة في لجنته التعليمية إنصاف هذه الفئة الصامتة وتتبني حل مشاكلهم. ولتثقْ الحكومة أن اهتمامها بهذه الفئة يضمن للبلد شباب مسلح بالخصال المهنية والوعي الديني وحب الوطن وولائه لأن معهد المهني هي المحطة والفرصة الأخيرة التي يتغذى منها هذا النوع من الطلبة بعد فقدان تعليمهم العامي. كما أتمنى أن يفعّل دور الشركات بالتكويت ولكن بأسلوب حضاري كما نراه في الدول الأخرى وذلك ليس فقط باتجاه طلبة المعهد المهني بل على كل مستويات. وهو أن تتبنى الشركات فئات من الطلبة حسب التخصص وتتابعهم خلال دراستهم لتضمن تفوقه وأداءه وبنفس الوقت يضمن الطالب وظيفته ويحرص على تفوقه حتى لا يخسر مكانه. ويطبق نفس الأسلوب مع وزارات الدولة مع الطلبة ليخلق جو التنافس العلمي كما يؤقلم بين دراسة الطالب وبين وظيفته المستقبلية. م سالم محسن العجمي Engr.salemq8@gmail.com

ليست هناك تعليقات: